السبت، 7 أبريل 2012

ارتباط عيد المظال والتجديد باحد السعف


ارتباط عيدي المظال والحانوكاه (التجديد)
بروايات الانجيل لأحد السعف

يشتمل طقس الاحتفال بعيد المظال (او عيد سكوت), كما كان يُـحتفل به في العهد المتأخر للهيكل الثاني علي عناصر لم تكن قد سجلت في الكتاب المقدس, وبعضها قد انتهي العمل به مع خراب الهيكل. ويُـعرف القانون  الرابيني طقس العيد بأن يسكن الشخص في المظال لمدة اسبوع, وايضا تناول الطعام والنوم تحتها, ويصف طريقة عمل المظلة واللولاف (حزمة من السعف, الآس, وفروع الصفصاف, مع نبات الريحان) ويلوح بها الشعب اثناء الاحتفال, مع انشاد جزء من مزامير الهليل. هناك بعض المراسم الاخري التي اصبحت شائعة 1.ضرب الصفصاف, 2.سكب المياه, 3.الرقص علي الانوار. (وهذه الاشارات قد وجدت في روايات الانجيل).

1. طقس ضرب الصفصاف
لا يزال معمولا به في احتفال عيد المظال في المجامع اليهودية (رغم ان معناه واصوله مجهولين). ففي زمن الهيكل كانت الجموع تقطع اغصاناً طويلة من الصفصاف وتسير في موكب حول المذبح طوال اليوم, وهم ينشدون مزمور (118: 25) " اه, يا رب خلص. اه, يا رب انقذ". وهناك تقليد يقول (طوال اليوم يطوفون حول المذبح مرة واحدة) ويضيف رابي يهوذا تقليد اخر (في هذا اليوم الاخير يطوفون سبع مرات).

2, 3. طقسا المياه والانوار
كانا هذان الطقسين معروفان ايضاً , برغم توقف العمل بهما بعد خراب الهيكل. ويرجع الاسم (بيت استقاء الماء) او (بيت الينبوع) الي احتفال الانوار, لكنه يرتبط اكثر باحتفال المياه.
يبدأ طقس المياه, حين يجمع الكاهن مياه من بركة سلوام ويحمله الي الهيكل. يرافقه حشد من الجموع ويصاحبه نفخ الابواق. وعند المذبح يُـسكب الماء, وفي نفس الوقت يُـسكب بعضاً من الخمر. من وعائين منفصلين.
اما طقس الانوار, فيشمل اقامة وانارة شمعدانين عملاقين من الذهب في رواق سليمان, مع رقص الحسيديم (جماعة التقاة) ورجال العمل وهم يحملون المشاعل علي موسيقي الفلوت وآلات اخري (يعرف هذا الاحتفال باسم الفلوت). وكان النور يمكن ان يُـري من كل مكان في اورشليم.

المياه والانوار في انجيل يوحنا
البرهان المبكر الذي نملكه لطقسي المياه والانوار هو انجيل يوحنا, الذي سجل ان يسوع كان في الهيكل اثناء عيد المظال عندما اعلن ان المسيح هو مصدر الماء الحي (يو7: 37, 38) وايضا ان المسيح نور العالم (يو8: 12). وهذان الحدثان يشيران للطقس التوأمي لطقسي سكب المياه والانوار.
ولقد صرح المسيح بهذين الاعلانين "في اليوم الاخير العظيم من العيد" (يو7: 37) وهذا يشير الي ان الحديث تم في اليوم الثامن العيد, مثل طقس السبت عند اليهود, وهذا يعني ان الحشود كانت غفيرة اكثر من اي يوم, ولما كانت الجموع تنتظر اتمام الطقس (المياه والانوار) وهي لم تكن تتم في اليوم الثامن من العيد. وهذا هو الوقت المناسب ليسوع ان يُـصرح باعلانه.

الانشاد في عيد المظال
لا تذكر المشناه (اي, الاحكام المستمدة من العهد القديم ومن اقوال المُـفسرين له) اي انشاد يتم اثناء التلويح باللولاف, والذي كان نسخة طبق الاصل من الانشاد اثناء حملهم بالصفصاف, (مز118: 25). وربما استمر انشاد المزامير الي الاية 26 من نفس المزمور "مبارك الآتي باسم الرب" لانها كانت نشيد معروف ايضاً.
ليس هناك في طقس عيد المظال "ضرب الصفصاف" ما يجعله مناسب لانشاد (مز118: 25) لذا فمن المحتمل انهم استخدموا هذه الاناشيد لانهم صاحبوها بالتلويح بالاغصان.

الانشاد في يوم احد السعف
الاناشيد التي قيلت في يوم احد السعف ربما كانت تماثل (مز118: 25) التي كانت تُـنشد اثناء التلويح باللولاف. كان الجزء الاول من النشيد "نرجوك يارب, خلصنا" (اني هاشِم هوشيعيا نا). سجلت الاناجيل الجزء الاخير من هذا النشيد بكلمة (اوصنا) (مر11: 9, مت21: 9, يو12: 13) وهي تماثل فعل الامر الحديث من "هوشعنا". ونحن لا نعلم اذا كانت الجموع هل قامت الجموع بتحديث فعل الامر العبري هذا, ام انهم فقط تلفظوا الكلمة بطريقة غير واضحة. لذا الفريسيين والمتعلمين من الذين سمعوا قد ازدروا بالجموع الجاهلة لنطقهم كلامات الكتاب المقدس بطريقة خاطئة.
النشيد الاخر المُسجل في رواية الانجيل عن احد السعف "مبارك الآتي بأسم الرب" (مت21: 9, مر11: 9, لو19: 38, يو12: 13) وهو الجزء التالي من المزمور 118, وتشير التقاليد التلمودية عن انشاد هذا النشيد, اذا بدأ شخص في انشاد احد الاناشيد, كان من غير التقوي ان يتجاهله الاخرون, لذا كان يجب ان يشتركوا معه ويُـكموا الانشاد, حتي لو بدأ النشيد قلة, او كان مجرد طفل. لو بدأ شخص وقال "مبارك هو"  ترد الجموع "الآتي باسم الرب".
ومن جواب يسوع علي الفريسيين في (لو19: 40) يلمح الي (مز118) فيقول ان مُـنع التلاميذ عن التسبيح "فالحجارة تصرخ". وبالتحليل للايتين من (مز118: 21, 22) فان يسوع يشير الي ان من قيل عنه "استجبت لي و صرت لي خلاصا" في الاية 21, هو مطابق لـ "الحجر الذي رفضه البناؤون" في الاية 22. فلقد اردك الفريسيون ان الذين رفضوا تشير ضمنيا اليهم, بالاضافة الي دعوة يسوع انه سيصير رأسا ً للزاوية. وهذا اكد لهم خطورة يسوع وان عليهم اسكاته.

الشخصية الملكية المُـشار اليها في احد السعف
ان تكرار الاشارة الي الشخصية الملكية "ابن داود" (مت21: 9, 15), "مملكة ابينا داود" (مر11: 10), "مبارك الملك" (لو19: 38), "ملك اسرائيل" (يو12: 13). هذا التكرار كان يشير الي شخثية ملكية مسيانية, وكان هذا  معتاد في اليهودية وايضا ً في مخطوطات قمران. وحتي بدون هذه الاشارات فنبوة (زكريا9: 9)  قد القي عليها كتبة الاناجيل الضوء (مت21: 5, يو12: 15).
وايضا هناك تشابهاً قوياً لموقف حاكم جديد لاورشليم وتلويح الشعب بسعف النخيل, قد حدث مرتين, الاول عندما طهر يهوذا المكابي الهيكل واعاد تكريسه عام 165 ق.م, بعدما هزم انطيوخوس (2مك10: 6- 8). والمرة الثانية عندما اعلن سمعان المكابي نفسه حاكما ً علي اورشليم عام 141 ق.م (1مك13: 51). وقد حفظت هذه الاحداث في الوجدان الشعبي, وكان من المستحيل ان يكون قد فات كتبة الانجيل هذا الحدث او قارئي الانجيل تلك الرموز, ولو ان صورة الملك تلطفت بركوب جحشٍ بدلاً من فرس (مت21: 2- 7) وتظهر الرمزية بالنسبة ليهوذا المكابي لان دخول يسوع اورشيم تبعه تطهير الهيكل كما فعل يهوذا المكابي بعد ان دنس انطيوخس الهيكل.

احتفالات الحانوكاه وعيد المظال
هو الاحتفال باعادة تكريس الهيكل في 25 كسلو 165 ق.م ووصف العيد نجده مذكورا ً في سفر المكابيين:
" فعيدوا ثمانية ايام بفرح كما في عيد المظال و هم يذكرون كيف قضوا عيد المظال قبيل ذلك في الجبال و المغاور مثل وحوش البرية. و لذلك سبحوا لمن يسر تطهير هيكله و في ايديهم غصون ذات اوراق و افنان خضر و سعف" (2مك10: 6- 7)
ان احتفالات الحانوكاه تشبه احتفالات عيد المظال, او بعض المظاهر من عيد المظال. او يُـحتفل به خلال احدي الاحتفالات الاضافية لعيد المظال.
مع القرن الاول, اصبح الاحتفال بالحانوكاه, عيدا ً منفصلا ً, كما ذكر يوحنا البشير (يو10: 22) الذي دعاه "عيد التجديد", ربما كاختصار لـ "تكريس المذبح" (1مك4: 59). ولكن حتي بعد الاحتفال به كعيد خاص, فان ارتباطه بعيد المظال كان قد ترسخ بالفعل:
"وبعد فاذ كنا مزمعين ان نعيد عيد تطهير الهيكل في اليوم الخامس و العشرين من شهر كسلو راينا من الواجب ان نعلن اليكم ان تعيدوا انتم ايضا عيد المظال و النار التي ظهرت حين بنى نحميا الهيكل و المذبح و قدم الذبيحة" (1مك1: 18)
ومن المرجح انه بعد خراب الهيكل وفقدان الشمعدنات العملاقة, عاد احتفال الانوار ليعد الحانوكاه, الذي كان يحتفل به كمراسم عائلية وفي المجامع اليهودية. وتدريجيا ً بدأ يُـنسي الارتباط بين عيد المظال والحانوكاه. وظل فقط قليل من التشابه مثل, الهليل.

هل احد السعف يشبه عيد المظال او الحانوكاه؟
تحتوي روايات الانجيل عن احد السعف علي بعض التفاصيل التي تشبه الاحتفال بعيد المظال, والاحتفال المبكر للحانوكاه, اي الترتيل من المزمور 118 والتلويح بالاغصان. ولا يُـعتبر الركوب علي اتان او فرش الطريق بالثياب والاغصان, مظاهر من مظاهر العيد. برغم انها كانت ذكري للاحتفاء بسمعان ويهوذا المكابي (التي احتفلت بها الحانوكاه). وما اعقب ذلك من تطهير المسيح للهيكل مثل سمعان ويهوذا المكابي.
الا ان كتبة الانجيل تعمدوا عدم ذكر هذا التشبيه, رغم معرفة الناس الجيدة بهذا الحوداث, لان الرومان كانوا متخوفين من اي حماسة قومية.

                              دكتور ديفيد اينستون
استاذ الادب الرابيني والعهد الجديد- جامعة كمبريدج
عن مجلة مدرسة الاسكندرية العدد1: 87 - 105



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق