
قبل ان نتحدث عن هذا
السر العظيم يلزمنا ان نعرف, لما تحتم تجسد كلمة الله الازلي وصيرورته في جسم بشري؟
واجابة هذا السؤال تتصدر صفحات الكتاب المقدس الاولي حين أكل ابوانا الاولان من الثمرة
المحرمة (تك3: 3), وقد سبق الله فحذر آدم الا يأكل من هذه الشجرة لان العقوبة هي الموت
(تك2: 17). واستطاعت الحية, ابليس, ان يسقط حواء ثم آدم في الخطية وكسر الوصية. واستحق
ادم وامراته العقاب.
اولا العقاب: العقاب
الواقع علي ادم وبنيه هو الموت لان "اجرة الخطية هي موت" (رو6: 23). الموت
الروحي وهو الانفصال عن الله مصدر الحياة. الموت الجسدي وهو ان عوامل الانحلال بدأت
تدب في الجسد الانساني, ورغم ان آدم لم يمت في مباشرة لكنه كان تدبير اللهي كي يعد
الفداء للانسان, الموت الادبي وهو فقدان الانسان مجد الصورة الالهية داخله وفقد هيبته
ووقاره, وطرد من الجنة. ومن العقوبات التي فرضها, لعن الله للحية, وحواء بالاتعاب في
الولادة والاشتياق الي رجلها, ولآدم بالتعب في حياته كلها والعودة الي التراب, وايضاً
تسلُـط الشيطان
علي
البشرية كلها بسبب فساد الطبيعة.
ثانيا خطة الخلاص بدأت عقب هذه الترتيبات, التي
ظنها الانسان عقوبات, التي يُـعدها الله لآدم وبنيه من بعده, انها خطة طويلة الزمن,
فيها تغرب الابن ادم عن خالقه, نجده يعاني
فيها من الامراض الروحية والجسدية التي تضرب بكل ما للانسان وفي الانسان من وزنات اعطاها
له الله.
بدأت هذه الخطة قبل الميلاد
المخلص بـ5500 عام حين طُـرد ادم وحواء من الجنة, وقد غرس الله فيهم مفهوم الذبيحة,
حين صنع لهم اقمصة من جلد ليستروا اجسادهم. لقد عرف ادم مصطلحان جديدان, اولهما الاعتراف
حين افتقده الله "ادم اين انت" (تك3: 9) وابتدأ ادم يعترف امام الله بخطيته.
وثانيهما هو فكرة الذبيحة الدموية (رمزاً لذبيحة المسيح) فهي ذبيحة بريئة تموت عن انسان
خاطئ, لينال هذا الانسان الخاطئ الصفح والغفران عن خطيته, في وجود الله.
ثالثا بركات التجسد: وأعد الله للتجسد والفداء
منذ نزل ادم وبنيه للارض, ومهد بالظهور لبني الانسان في العهد القديم في مواقف عدة.
كظهوره لابراهيم مع الملاكين, وصراعه مع يعقوب ابو الاباء, وظهوره ممنوح وزجته في بشارة
شمشون, وظهوره في الاتون مع الفتية الثلاثة. وبهذه الظهورات استعدت البشرية لكي يتجسد
الله, الاقنوم الثاني, الكلمة, في صورة مرئية لان "اَللَّهُ (الآب) لَمْ يَرَهُ
أَحَدٌ قَطُّ, اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ, هُوَ خَبَّرَ"
(يو1: 18) خبر البشر عن الله الذي لم يعودوا يتذكروه, او يعرفوه رغم ان "مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ
فِيهِمْ لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ" (رو1: 19).
ويأتي الفداء كأهم اسباب التجسد, معلناً
وشاهداً لحب الله للانسان كما قال الحبيب يوحنا "احب الله العالم حتي بذل ابنه
الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به, بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16). وايضا
حتي يخلص ويفدي الانسان "ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ
هَلَكَ" (مت 18: 11). وايضا تجسد كي يجدد طبيعتنا ويعيد خلقة الانسان لتعود كما
كانت علي صورة الله ومثاله بعد ان تشوهت بالسقوط واضمحلت هذه الصورة بالخطية التي عاش
فيها الانسان والشرور التي ابتدعها لنفسه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق